فصل: هل الأفضل للمسافر أن يترك قيام الليل والنوافل والسنن الراتبة أم يصليها كما اعتادها؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


1120 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما حكم الجمع بين الصلاتين في حال الحرب و الخوف من العدو‏؟‏ وما هي سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجمع في حاله الحرب‏؟‏ وهل يجوز لنا الجمع ولو طالت المدة عدة سنوات‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الجمع له ميزان وهو المشقة، فإذا شق على الإنسان أن يفرد كل صلاة في وقتها فله الجمع لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال ‏(‏جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، بالمدينة في غير خوف ولا مطر‏)‏‏.‏ قيل لابن عباس‏:‏ ما أراد إلى ذلك‏؟‏ قال‏:‏ أراد أن لا يخرج أمته‏.‏ فهذا يدل على أن مدار الجمع على الحرج والمشقة‏.‏ ويجوز لهم الجمع ولو بقوا عدة سنوات، ولا أعلم في هذه سنة سوى حديث ابن عباس السابق، وهو قاعدة عامة وهي المشقة، فإنه يجوز الجمع سواءً في الحرب أو في السلم، وفي الحضر والسفر‏.‏

1121 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ إذا غادر الإنسان بلده مسافراً فهل يجوز له الجمع والقصر مع أنه يشاهد بنيان البلد‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ذكر العلماء – رحمهم الله – أنه لا يشترط لفعل القصر والجمع – حيث أبيح فعلهما – أن يغيب الإنسان عن البلد، بل متى خرج من سور البلد جاز له ذلك، وإن كان يشاهدها، وكذلك الحال فيمن قدم إليها له أن يفعل رخص السفر حتى يدخل في سورها، ومتى ثبت هذا فإن للمسافر أن يقصر ويجمع ويفطر‏.‏ والله أعلم‏.‏

1122 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ إذا سافر أناس ثم أراد الله فتعطلوا في الوادي فهل لهم أن يفطروا ويجمعوا ويقصروا على اعتبار أنهم مسافرون أو لا على اعتبار أن الوادي جزء من عنيزة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ جواب هذا السؤال يفهم مما سبق، فإنه وإن كان الوادي ينسب إلى عنيزة لا يمنتع أن يقصروا فيه من سافر من عنيزة، وله أن يفعل بقية رخص السفر ما دام عازماً على السفر، ولو بقي أكثر من يوم، والله أعلم‏.‏

1123 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ إذا كنت سأسافر بعد أذان المغرب فهل أجمع المغرب والعشاء وأقصر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كنت في بلدك لم تخرج وأردت أن تسافر بعد صلاة المغرب مباشرة فإنك لا تجمع، لأنه ليس لك سبباً يبيح للجمع إذ أنك لم تغادر بلدك، أما إذا كنت في بلد قد سافرت إليه مثل أن تكون قد أتيت إلى مكة للعمرة، ثم أردت أن تسافر بين المغرب والعشاء فإنه لا بأس إذا صلى الإمام المغرب أن تصلي بعده العشاء مقصورة إلى بلدك‏.‏

1124 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن امرأة تعاني من مرض الربو وفي بعض الأحيان لا يستطيع أن تتوضأ ولا تتيمم لوصول الغبار لأنفها، فكيف تصلي‏؟‏ هل تجمع الصلاة بعد أن تأتي عليها الأزمة علماً بأن هذه الأزمة تستمر ليومين أو ثلاثة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم يجوز لها وهي مريضة بهذا المرض الذي يلزم منه أن تتعب عند الوضوء لكل صلاة يجوز لها أن تجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء وأنا أشير عليها ما دامت هذه حالها أن تجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير وتتوضأ لهما وتجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم لتكون متطهرة بطهارة واحدة لجميع الصلوات الأربع، ويبقى عليها طهارة واحدة للفجر؛ لأن هذا أيسر، والله تبارك وتعالى يحب من عباده أن يفعلوا ما هو الأيسر كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْر‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ من الآية185‏)‏ وقال نبيه -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏إن الدين يسر‏)‏ وقال أبو برزة – رضي الله عنه - ‏(‏لقد صحبت النبي -صلى الله عليه وسلم- ورأيت من تيسيره‏)‏‏.‏ يعني رأيت أنه يحب اليسر والتيسير على الأمة؛ لأن التيسير على الأمة فيه فائدتين عظيمتين‏:‏

أولاً‏:‏ أنه هو الموافق لروح الدين الإسلامي‏.‏

الثاني‏:‏ أن النفوس تقبل الدين بانشراح وسعة وقبول وإذ عان تام، بخلاف ما إذا شدد عليها بدون بينة وبرهان‏.‏

رسالة

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى ورعاه‏.‏

السلام عليم ورحمة الله وبركاته‏.‏

لا حظنا كثرة الجمع في الأيام الماضية وتساهل الناس فيه فهل ترون مثل هذا البرد مبرراً للجمع أثابكم الله‏؟‏

بسم الله الرحمن الرحيم

الجواب‏:‏ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته‏.‏

لا يحل تساهل الناس في الجمع؛ لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ من الآية103‏]‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 78‏]‏‏.‏ فإذا كانت الصلاة مفروضة موقوتة، فإن الواجب أداء الفرض في وقته المحدد له، المجمل في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ‏}‏ إلى آخرها وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك مفصلاً فقال‏:‏ ‏(‏وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل طوله ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل‏)‏ ‏(1)‏‏.‏

وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حدد الأوقات تحديداً مفصلاً فإن إيقاع الصلاة في غير وقتها من تعدي حدود الله ‏{‏وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية229‏]‏ فمن صلى الصلاة قبل وقتها عالماً عامداً فهو آثم وعليه الإعادة، وإن لم يكن عالماً عامداً فليس بآثم لكن عليه الإعادة، وهذا حاصل بجمع التقديم بلا سبب شرعي فإن الصلاة المقدمة لا تصح وعليه إعادتها‏.‏

ومن أخر الصلاة عن وقتها عالماً عامداً بلا عذر فهو آثم ولا تقبل صلاته على القول الراجح وهذا حاصل بجمع التأخير بلا سبب شرعي، فإن الصلاة المؤخرة لا تقبل على القول الراجح‏.‏

فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى ولا يتساهل في هذا الأمر العظيم الخطير‏.‏

وأما ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس –رضي الله عنهما - ‏:‏ ‏(‏أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر‏)‏ فلا دليل فيه على التساهل في هذا الأمر، لأن ابن عباس –رضي الله عنهما - سئل‏:‏ ‏(‏ماذا أراد إلى ذلك‏؟‏ يعني النبي -صلى الله عليه وسلم-‏؟‏ قال‏:‏ أراد أن لا يحرج أمته‏)‏ ‏(2)‏، وهذا دليل على أن السبب المبيح للجمع هو الحرج في أداء كل صلاة في وقتها، فإذا لحق المسلم حرج في أداء ككل صلاة في وقتها جاز له الجمع أو سن له ذلك، وإن لم يكن عليه حرج وجب عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها‏.‏

وبناء على ذلك فإن مجرد البرد لا يبيح الجمع إلا أن يكون مصحوباً بهواء يتأذى به الناس عند خروجهم إلى المساجد، أو مصحوباً بنزول يتأذى به الناس‏.‏

فنصيحتي لإخواني المسلمين ولا سيما الأئمة أن يتقوا الله في ذلك، وأن يستعينوا الله تعالى في أداء هذه الفريضة على الوجه الذي يرضاه‏.‏ قاله كاتبه محمد الصالح العثيمين في 8 / 7 / 1413هـ‏.‏

خطبة الجمعة 13 / 7 / 1412هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً‏.‏

أما بعد‏:‏

أيها الناس اتقوا ربكم وصلوا خمسكم، وأطيعوا إذا أمركم، واعلموا أن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، ووصف من تعدى حدوده بأنه ظالم، ظلم نفسه وعصى ربه، فقال‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية229‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 13، 14‏]‏‏.‏

أيها المسلمون‏:‏ إن مما فرضه الله وأوجبه وبيّن حدوده وأظهره صلواتكم هذه التي هي ركن من أركان الإسلام، بل هي أعظم أركانه بعد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فلا ركن أعظم وأوجب منها بعد دخول الإنسان في الإسلام، وقد أمر الله بالمحافظة عليها، وتوعد من أضاعها، فقال جل ذكره‏:‏ ‏{‏حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية238‏]‏ وقال ‏{‏فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً، إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 59، 60‏]‏‏.‏

وإن مما حده لله لهذه الصلوات الوقت، حيث بيّن سبحانه أن فرضها فرض موقت غير مطلق، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ من الآية103‏]‏ ولهذا كانت المحافظة على الوقت أوكد من المحافظة على غيره، فالمريض يصلي في الوقت على أي حال كان بقدر استطاعته ولا ينتظر البرء، وعدم الماء يصلي في الوقت بالتيمم ولا ينتظر وجود الماء، فإن لم يجد ما يتيمم به صلى على حاله ولا ينتظر وجود ما يتيمم به، ومن احترقت ثيابه ولم يجد ثوباً صلى عارياً ولا ينتظر الحصول على الثوب‏.‏ وهذا وأمثاله يدل على أهمية وقوع الصلاة في وقتها‏.‏ وقد بين الله تعالى أوقات الصلاة مجملة في كتابه في سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 78‏]‏ وفي مسند الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه - ‏(‏أن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال‏:‏ قم فصّلى، فصلى به الظهر حين زالت الشمس، ثم العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم المغرب حين غابت الشمس، ثم العشاء حين غاب الشفق، ثم الفجر حين سطع الفجر، ثم جاءه في اليوم الثاني فصلى به الظهر حين صار ظلّ كل شيء مثله، ثم العصر حين صار ظلّ كل شيء مثليه، ثم المغرب وقتاً واحداً لم يزُلْ عنه، ثم العشاء حين ذهب نصف الليل، أو ثلث الليل، ثم الفجر حين أسفر جدًّا، ثم قال‏:‏ ما بين هذين وقت‏)‏ ‏(3)‏، قال البخاري‏:‏ هو أصح شيء في المواقيت ‏(4)‏‏.‏

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(5)‏ فهذه أوقات الصلوات محددة معلومة لا يحل لمسلم أن يقدم صلاة على وقتها بإجماع المسلمين، فإن فعل ذلك متعمداً فهو آثم وصلاته باطلة، وإن فعل ذلك جاهلاً فليس بآثم ولكن عليه الإعادة وتكون صلاته قبل الوقت نافلة‏.‏ ومن تقديم الصلاة على وقتها أن يجمع العصر إلى الظهر، أو العشاء إلى المغرب بدون عذر شرعي يبيح له الجمع، فإن ذلك من تعدي حدود الله تعالى والتعرض لعقوبته؛ لأنه إضاعة لفريضة من أركان الإسلام، ووقوع في كبيرة من كبائر الذنوب، فقد كتب عمر بن الخطاب –رضي الله عنه - إلى عامل له‏:‏ ‏(‏ثلاث من الكبائر‏:‏ الجمع بين صلاتين إلا من عذر، والنهب، والفرار من الزحف‏)‏، وقال شيخ الإسلام ابن تيميه بعد ذكر الجملة الأولى من هذا الأثر‏:‏ رواه الترمذي ‏(6)‏ مرفوعاً، وقال‏:‏ العمل عليه عند أهل العلم والأثر أ هـ‏.‏ ‏(‏مختصر الفتاوى المصرية 164‏)‏‏.‏ وقد تهاون بعض الناس في هذه المسألة فصاروا يجمعون بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في أيام المطر بدون عذر، قال مسلم في صحيحه ‏(‏أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع في المدينة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في غير خوف ولا مطر، فقيل له‏:‏ ما راد إلى ذلك‏؟‏ قال‏:‏ أراد أن لا يحرج أمته‏)‏ ‏(7)‏‏.‏ وهذا الحديث إذا تأمله المتأمل يتبين له أن مجرد نزول المطر ليس عذراً يبيح الجمع بين الصلاتين بل لا يكون عذراً حتى يكون في تركك الجمع مشقة وحرج‏.‏ قال شيخ الإسلام ابن تيميه في حديث ابن عباس‏:‏ هذا وإنما كان الجمع لرفع الحرج عن أمته، فإذا احتجوا إلى الجمع جمعوا‏.‏ وقال أيضاً‏:‏ فالأحاديث كلها تدل على أنه جمع في الوقت الواحد لرفع الحرج عن أمته، فيباح الجمع إذا كان في تركه حرج قد رفعه الله عن الأمة‏.‏ وببيان عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – وكلام شيخ الإسلام ابن تيميه يتبين جلياً أنه لا يحل الجمع بين الصلاتين حتى يوجد الحرج في ترك الجمع‏.‏ وقد بين أهل العلم – رحمهم الله – المطر الذي يبيح الجمع ويحصل به في ترك الجمع مشقة‏.‏ فقال في المغني 2 / 375‏:‏ والمطر الذي يبيح الجمع هو ما يبل الثياب وتلحق المشقة بالخروج فيه، فأما الطل والمطر الخفيف الذي لا يبل الثياب فلا يبيح، وأما الوحل بمجرده ففيه خلاف بين المذاهب، وبين أصحاب الإمام هل هو عذر أو لا‏؟‏ والصحيح‏:‏ أنه عذر متى كانت المشقة‏.‏

وهنا سؤالان‏:‏

الأول‏:‏ إذا كانت السماء غائمة ولم يكن مطر ولا وحل ولكن المطر متوقع فهل يجوز الجمع‏؟‏

الجواب‏:‏ أنه لا يجوز الجمع في هذه الحال لأن المتوقع غير واقع، وكم من حال يتوقع الناس فيها المطر لكثافة السحاب ثم يتفرق ولا يمطر‏.‏

الثاني‏:‏ إذا كان مطر ولكن شكنا هل هو مطر يبيح الجمع أو لا‏؟‏

والجواب‏:‏ أنه لا يجوز الجمع في هذه الحال، لأن الأصل وجوب فعل الصلاة في وقتها فلا يعدل عن الأصل إلا بيقين العذر‏.‏ فاتقوا الله عباد الله، والتزموا حدود الله، ولا تتهاونوا في دينكم واسألوا العلماء قبل أن تقدموا على شيء تحملون به ذممكم مسؤولية عباد الله في عبادة الله، و اعلموا أن الأمر خطير، وأن الصلاة في وقتها أمر واجب بإجماع المسلمين، وأما الجمع فرخصة حيث وجد السبب المبيح‏:‏ إما مباح وفعله أفضل، أو مباح وتركه أفضل، وما علمت أحداً من العلماء قال‏:‏ إنه واجب‏.‏ فلا تعرضوا أمراً أجمع العلماء على وجوبه لأمر اختلف العلماء في أفضليته‏.‏ اللهم وفقنا للعمل لما يرضيك عنا، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، وصالحين مصلحين، إنك جواد كريم‏.‏ وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين‏.‏

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى جناب الوالد المكرم الفاضل الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله بطاعته آمين‏.‏

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏

كتابك الشريف وصل ومن ضمنه الأجوبة وصلت أثاب الله الجنة وغفر ذنبك، وسلك بك طريق رشده وهاده آمين يا رب العالمين، وبعد‏:‏

بارك الله فيك إذا كان هناك جمع بين المغرب والعشاء للمطر وصلى الناس المغرب، وقام الإمام لصلاة العشاء المجموعة؛ وقام رجل لم يسلم من صلاة المغرب ولم يحرم لصلاة العشاء فهل تجزيه صلاته مع الإمام على هذه الصفة‏؟‏ أفتني أثابك الله الجنة بمنه وكرمه‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ حفظه الله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ وبعد‏:‏

الحمد لله على وصول الأجوبة ونسأل النفع بها‏.‏ الرجل المذكور الذي قام مع الإمام في الجمع بدون سلام من صلاة المغرب، و بدون تكبيرة إحرام للعشاء هذا الرجل صلاته المغرب باطلة لأنه لم يسلم منها بل قرنها بصلاة أخرى، والسلام ركن، وقرن الصلاة أخرى بدون سلام من الأولى لا يجوز‏.‏

وكذلك صلاته العشاء باطلة؛ لأنه لم يكبر لها تكبيرة الإحرام ووصلها بصلاة ثانية‏.‏ وعلى هذا فيجب عليه إعادة الصلاتين صلاة المغرب، وصلاة العشاء مع التوبة إلى الله من هذا العمل‏.‏

هذا ما لزم والله يحفظكم والسلام ورحمة الله وبركاته‏.‏

حرر في 28 / 2 / 1394هـ‏.‏

1125 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما قولكم فيمن يجمع الصلاة مريد للسفر لكنه لم يغادر بلده‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا وجه لجمع من أراد السفر قبل أن يغادر البلد، اللهم إلا أن يخشى من مشقة إذا نزل للصلاة أثناء سفره، ومن جمع لغير هذه الخشية واستدل بحديث ابن عباس – رضي الله عنهما – فقد أبعد النجعة؛ لأن ابن عباس حين سئل لم صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك‏؟‏ قال‏:‏ أراد أن لا يحرج أمته‏.‏

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد‏:‏

فإننا نسكن في منطقة كثيرة الأمطار، والناس يختلفون كثيراً في الأسباب التي بسببها يجمع بين الصلاة المغرب والعشاء، فنرجو توضيح ذلك لنا، علماً أنه في أحد الأيام كانت هناك ظلمة شديدة والمطر ينزل من قبل صلاة المغرب إلى بعد العشاء، ولكنه كان خفيفاً والشوراع مضاءة معبدة، فمن المساجد من جمع، ومنها من لم يجمع، واختلف الناس وأعاد صلاة العشاء البعض حتى اختلف أئمة المساجد فيها بين مرخص ومشدد، ونظراً لتكرار هذا الأمر دائماً عندنا نرجو منكم إفادتنا، وجزاكم الله خيراً‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته‏.‏

الأصل‏:‏ وجوب فعل الصلاة في وقتها، فلا يحل تقديمها على وقتها، ولا تأخيرها عنه، لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ من الآية103‏]‏، وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أوقاتها بياناً كاملاً، لكن إذا كان هناك عذر يبل الثياب، أو وحل في الأسواق، أو نقع ماء يتأذى بها الناس فالجمع سنة، لقول ابن عباس – رضي الله عنهما - ‏:‏ جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة من غير خوف ولا مطر بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، فسألوه‏:‏ لم فعل ذلك‏؟‏ قال‏:‏ أراد أن لا يحرج على أمته، أي أن لا يلحقها حرجاً بترك الجمع‏.‏ واختلاف الناس عندكم في الجمع إما لأن بعض الأسواق يكون فيها العذر المبيح للجمع، وبعضها لا يكون فيها ذلك، وإما لأن بعض الأئمة يرى قيام العذر فيجمع، وبعضهم لا يرى ذلك فلا يجمع‏.‏ والأمر واسع في هذا الاختلاف‏.‏

ومتى شك الإنسان هل تحقق العذر أم لا، فلا يجمع، لأن الأصل وجوب فعل كل صلاة في وقتها ولكن يقول للناس‏:‏ من شق عليه الحضور للمسجد فليصل في بيته، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينادي مناديه في الليلة الباردة أو المطيرة فيقول‏:‏ صلوا في رحالكم، وهذا من يسر الإسلام، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى‏.‏

كتبه محمد الصالح العثيمين في 25 / 7 / 1418هـ‏.‏

1126 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ كنت إماماً وصليت المغرب والعشاء جمعاً وصليت العشاء ركعتين جهلاً مني، وكنت شاكاً في ذلك، وبعد خروجي من المسجد علمت أن الجمع والقصر للمسافر، أما المقيم فيجمع ولا يقصر أثناء المطر والريح الشديدة، فهل على ذنب أو كفارة‏؟‏ أفيدوني جزاكم الله خيراً‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الواجب عليك في هذه الحالة أن تعيد صلاة العشاء، وأن تنبه الجماعة الذين صلوا معك ركعتين أن يعيدوها، وأن تبين لهم أنه لا تلازم بين القصر أبداً، وربما يجوز له الجمع إذا وجدت أسباب جوازه، وعلى كل حال فعليك أن تعيد أنت وجماعتك الصلاة التي صليتموها ركعتين‏.‏ وإذا وجد الجماعة الذين صلوا معه لينبههم على ما حصل، ينبه من يجدهم، وهم بدورهم ينبهون من يرونه من المصلين‏.‏ والله الموفق

1127 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما هي رخص السفر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ رخص السفر أربع‏:‏

صلاة الرباعية ركعتين‏.‏

الفطر في رمضان، ويقضيه عدة من أيام أخر‏.‏

المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها ابتداء من أول مرة مسح‏.‏

سقوط المطالبة براتبه الظهر، والمغرب، والعشاء، أما راتبه الفجر وبقية النوافل على مشروعيتها واستحبابها‏.‏ فيصلي المسافر صلاة الليل، وسنة الفجر، وركعتي الضحى وسنة الوضوء، وركعتي دخول المسجد، وركعتي القدوم من السفر، فإن من السنة إذا قدم الإنسان من سفر أن يبدأ قبل دخول بيته بدخول المسجد فيصلي فيه ركعتين‏.‏ وهكذا بقية التطوع بالصلاة فإنه لا يزال مشروعاً بالنسبة للمسافر ما عدا ما قلت سابقاً وهي‏:‏ راتبه الظهر، وراتبه المغرب، وراتبه العشاء، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يصلي هذه الرواتب الثلاث‏.‏

1128 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما هي أحكام السفر من حيث القصر في الصلاة والإفطار في الصيام‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ السفر سبب مبيح لقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، بل إنه أي السفر سبب يقتضي قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، إما وجوباً وإما ندباً على خلاف في ذلك‏.‏ والصحيح أن القصر مندوب، وليس بواجب، وإن كان في النصوص ما ظاهره الوجوب، ولكن هناك نصوص أخرى تدل على أنه ليس بواجب‏.‏ والسفر الذي يبيح القصر، ويبيح الفطر، ويبيح المسح على الخفين أو الجوربين ثلاثة أيام، قد اختلف العلماء فيه‏:‏

فمنهم من جعله مقروناً بالمسافة، وهي واحد وثمانين كيلو تقريباً، فإذا خرج الإنسان من بلده المسافة، أو عزم على قطع هذه المسافة من بلده، فإنه يكون مسافراً يباح له جميع رخص السفر

ومن العلماء من يقول‏:‏ إن السفر لا يحد بالمسافة وإنما يحد بالعرف والعادة، لأن الشرع لم يرد بتحديده، وما لم يرد الشرع بتحديده فإنه يرجع فيه إلى العرف والعادة كما قال الناظم‏:‏

وكل ما أتى ولم يحدد بالشرع كالحرز فبالعرف أحدد وعلى كل حال فإذا ثبتت أحكام السفر، سواء قلنا إنه مقيد بالمسافة أو مقيد بالعرف، فإن أحكام السفر ينبغي للإنسان أن يفعلها، سواء كانت قصراً، أو أفطر في رمضان، أو مسحاً على الجوربين ثلاثة أيام، إلا أن الأفضل للمسافر هو الصيام ما لم يشق عليه فالفطر أفضل‏.‏

وبهذه المناسبة أود أن أذكر إخواننا المعتمرين الذين يقدمون إلى مكة لأداء العمرة، إلى أن بعضهم يقضي عمرته في النهار، ويشق عليه الصوم مع ذلك مشقة عظيمة، حتى إن بعضهم يغمى عليه، وينقل، هذا خطأ عظيم جداً، لأن المشروع في حق هؤلاء أن يفطروا‏.‏ فإذا قال قائل‏:‏ هل الأفضل أن أفطر وأؤدي العمرة من حين أن أصل‏؟‏ أو الأفضل أن أمسك ولا أؤدي العمرة إلا في الليل‏؟‏

فالجواب‏:‏ أن الأول أفضل، وهو أن يفطر ويؤدي العمرة في النهار، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اعتمر بادر بأداء العمرة، حتى إنه ‏(‏كان إذا قدم حاجاً أو معتمر لا ينيخ بعيره إلا عند باب المسجد‏)‏ عليه الصلاة والسلام فيؤدي عمرته‏.‏

وهذا يحصل من بعض الناس في هذا البلد أو في غيره من الصيام في رمضان مع المشقة، إنما يكون عن اجتهاد منهم، ولكن الشرع ليس بالهوى، وإنما هو بالهدى، فكون الإنسان يشق على نفسه وهو مريض فيصوم، أو يشق على نفسه وهو مسافر فيصوم، فإن ذلك خلاف السنة، وخلاف ما يحب الله عز وجل، كما في حديث ابن عمر 0 رضي الله عنهما – قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته‏)‏‏.‏

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم مدير الشؤون الدينية‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ حفظه الله تعالى وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإليك الجواب على ما سألتم عنه‏:‏

الأول‏:‏ سؤالكم عن جواز الجمع والقصر لكم‏.‏

وجوابه‏:‏ أن القصر والجمع جائز لكم، لكن الأفضل ترك الجمع إلا لحاجة مثل أن يكون الماء قليلاً، وإن جمعتم بدون حاجة فلا بأس لأنكم مسافرون فإنكم انتدبتم لعمل موقت لا تنوون استيطاناً، ولا إقامة مطلقة، وإنما إقامتكم لحاجة متى انتهت رجعتم إلى بلادكم‏.‏ وقد ثبت ‏(‏أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقام في تبوك عشرين يوماً يصلي ركعتين‏)‏ وأقام عام الفتح في مكة تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة، وما زال المسلمون يقيمون في الثغور الأشهر وربما السنة والسنتين ويقصرون الصلاة، ولم يحد النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته حداً ينقطع به حكم السفر لمن كان مسافراً‏.‏ هذا هو القول الصحيح‏.‏

ويرى بعض العلماء أن من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام لزمه أن يتم‏.‏

السؤال الثاني‏:‏ عن صلاتكم الجمعة‏.‏

جوابه‏:‏ أنه ليس من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة الجمعة في السفر، وبناء على ذلك فلا تشرع لكم صلاة الجمعة، وإنما تصلون ظهراً مقصورة‏.‏ وقد كتب الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – إلى الملك سعود – رحمه الله – كتاباً قال فيه ‏(‏من خصوص أبا العلا والجنود الذين معه في البرود يصلون الجمعة، وهم ليس في حقهم جمعة، ولا يشرع لهم ذلك، فينبغي المبادرة في تنبيههم على ذلك ومنعهم من التجميع‏.‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏)‏‏.‏

السؤال الثالث‏:‏ هل نعتبر مسافرين وعلى ذلك نفطر‏؟‏

وجوابه‏:‏ أنه متى جاز لكم قصر الصلاة جاز لكم الفطر، وقد سبق في الجواب الأول أن القول الصحيح جواز القصر في حقكم ولكن الصوم للمسافر أفضل إذا لم يشق عليه‏.‏

السؤال الرابع‏:‏ عن ضابط المشقة‏:‏

جوابه‏:‏ أن المشقة هي أن يحصل للإنسان شيء من التكلف والتحمل، وأما موضوع التدخين فتعلمون – بارك الله فيكم – أن عمومات الكتاب والسنة تدل على تحريمه حيث ثبت ضرره، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان شرب الدخان، و ينبغي أن يستغل فرصه شهر رمضان للتخلص منه، فإن الصائم في النهار قد خماه منه بالصوم، فليتصبر في الليل عنه حتى يستعين بذلك على التخلص منه، بالإضافة إلى استعانته بالله ودعائه‏.‏

السؤال الخامس‏:‏ هل الأفضل بقاؤكم في عملكم أو استئذانكم للسفر إلى مكة‏؟‏

جوابه‏:‏ أن الأفضل بقاؤكم في عملكم؛ لأنه عمل مهم، وقيام بواجب، وسفركم إلى مكة من قبيل التطوع والقيام بالواجب أفضل من القيام بالتطوع‏.‏

السؤال السادس‏:‏ هل تصلون التراويح وأنتم تقصرون الصلاة‏؟‏

وجوابه‏:‏ نعم، تصلون التراويح، وتقومون الليل، وتصلون صلاة الضحى وغيرها من النوافل، لكن لا تصلون راتبه الظهر أو المغرب أو العشاء‏.‏

السؤال السابع‏:‏ عن التيمم لصلاة الفجر من الجناية إذا كان الجو بارداً‏.‏

جوابه‏:‏ إذا وجب الغسل على أحدكم وكان الماء بارداً، ولم يكن عنده ما يسخن به الماء وخاف على نفسه من المرض فلا بأس أن يتيمم، فإذا تمكن من الغسل بعد دفء الجو والماء أو وجود ما يسخن به الماء وجب عليه أن يغتسل؛ لأن التيمم إنما يطهر حال وجود العذر، فإذا زال العذر عاد الحدث ووجب استعمال الماء‏.‏

كتب هذه الأجوبة السبعة محمد الصالح العثيمين في 30 / 8 / 1411 هـ‏.‏

1129 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن صلاة المسافر‏؟‏ وهل يلزمه الإتمام إذا صلى خلف مقيم‏؟‏ وهل تلزمه الجماعة‏؟‏ وهل يتطوع بالنوافل‏؟‏ وهل يجمع‏؟‏ وهل يصوم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ صلاة المسافر ركعتان من حين أن يخرج من بلده إلى أن يرجع إليه، لقول عائشة – رضي الله عنها -‏(‏أول ما فرضت الصلاة فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر‏)‏‏.‏ وفي رواية ‏(‏وزيد في صلاة الحضر‏)‏ وقال أنس بن مالك – رضي الله عنه - ‏(‏خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلي مكة فصلى ركعتين، ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة‏)‏‏.‏ لكن إذا صلى مع إمام يتم صلى أربعاً سواء أدرك الصلاة من أولها أم فاته شيء منها، لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا‏)‏‏.‏ فعموم قوله ‏(‏ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا‏)‏ يشمل المسافرين الذين يصلون وراء الإمام الذي يصلي أربعاً وغيرهم‏.‏ وسئل ابن عباس – رضي الله عنهما - ‏:‏ ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعاً إذا ائتم بمقيم‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏تلك السنة‏)‏‏.‏

ولا تسقط صلاة الجماعة عن المسافر؛ لأن الله تعالى أمر بها في حال القتال فقال‏:‏ ‏{‏وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ‏}‏ الآية‏.‏

وعلى هذا فإذا كان المسافر في بلد غير بلده وجب عليه أن يحضر الجماعة في المسجد إذا سمع النداء، إلا أن يكون بعيداً، أو يخاف فوت رفقته لعموم الأدلة على وجوب صلاة الجماعة على من سمع النداء أو الإقامة‏.‏ وأما التطوع بالنوافل فإن المسافر يصلي جميع النوافل سوى راتبه الظهر، و المغرب، والعشاء، فيصلي الوتر، وصلاة الليل، وصلاة الضحى، وراتبه الفجر وغير ذلك من النوافل غير الرواتب المستثناة‏.‏ أما الجمع فإن كان سائراً فالأفضل له أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إما جمع تقديم، وإما جمع تأخير حسب الأيسر له، وكلما أيسر فهو أفضل‏.‏

وإن كان نازلاً فالأفضل أن لا يجمع، وإن جمع فلا بأس لصحة الأمرين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏.‏ وأما صوم المسافر في رمضان فالأفضل الصوم، وإن أفطر فلا بأس، ويقضي عدد الأيام التي أفطرها إلا أن يكون الفطر أسهل له، فالفطر أفضل لأن الله يحب أن تؤتي رخصه‏.‏ والحمد لله رب العالمين‏.‏ 5 / 12 / 1409هـ‏.‏

1130 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ إذا جئت وقد فرغ الإمام من الجمع بين العشاءين فهل لي أن أجمع منفرداً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إن كنت تظن أنك تجد مسجداً قريباً منك ولم يجمع فلا تجمع، وإن كنت لا تظن ذلك فإن حضر جماعة وصليتم جميعاً فلا بأس بالجمع، وإن لم يحضر جماعة فالأظهر عدم جواز ذلك؛ لأن الجمع حينئذ لا فائدة منه فإنك سوف ترجع إلى بيتك ولا تخرج منه، والجمع إنما أبيح للحاجة، وفي مثل هذه الصورة لا حاجة، بخلاف ما لو حضر جماعة فإن في الجمع فائدة وهو حصول الجماعة، والله أعلم‏.‏

1131 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ في صلاة الخوف بعد أن يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعة يقوم ويثبت قائماً حتى يتموا لأنفسهم وفي أثناء ذلك يقرأ الإمام ولكن هل يعيد قرءاته إذا جاءت الطائفة لتصلي وراءه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الظاهر أنه لا يعيد قراءته وإنما يقرءون هم لأنفسهم سورة الفاتحة فقط إن كان الإمام يجهر، ثم ينصتون لقراءته، وإن كانت الصلاة سرية قرءوا الفاتحة وسورة أخرى

رسالة

جواب أسئلة الطيارين

قال فضيلة الشيخ – جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء - ‏:‏

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‏.‏

أما بعد‏:‏

فإنني أشكر الله – سبحانه وتعالى – أن وفقني للقاء بإخواني الملاحين الجويين من الطيارين والمهندسين الجويين والمضيفين، والإجابة على استفساراتهم، خاصة أننا نرى في إخواننا قواد الطائرات من على وجوههم سيما الخير، و نسمع أيضاً ما يسرنا نحو هم وإني أوصيهم بتقوى الله – عز وجل – والحرص التام على راحة الركاب وعلى ما فيه مصلحة الذين والدنيا؛ من مراعاة الأمور الشرعية كأوقات الصلوات إذا حلت وهو في الأجواء، وكذلك أوقات الإحرام بالحج والعمرة بحيث ينبهوا الركاب قبل محاذاة الميقات بمدة يتمكنون بها من خلع الثياب العادية ولبس الثياب التي تلبس في الإحرام وليتوسعوا في ذلك، بمعنى إذا قدر أم الوقت الذي يكفي لهذا العمل عشر دقائق فلينبهوا على ذلك قبل هذا الوقت بخمس الدقائق أو أكثر، لأن من الناس من لا يستطيع أن يخلع ملابسه ويلبس ثياب الإحرام بسهولة ويحتاج إلى مدة أطول، ثم إني أقول الاحتياط في الإحرام قبل الميقات أهون من أن يتجاوز الميقات بدقيقة واحدة؛ لأن الدقيقة واحدة؛ بالنسبة لطائرة تبلغ مسافة كبيرة، كذلك أيضاً لو قدموا التنبيه على الدخول في النسك على الميقات لأنهم إذا لم ينبهوا الإنسان إلا الطائرة في حذاء الميقات لم يتمكن من عقد النية إلا بعد مجاوز الميقات بحكم سرعة الطائرة، ومن المعلوم أنه لا يضر تقدم الإحرام على الميقات ولكن الذي يضر التأخر ولو كان يسيراً، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من قادة الخير والإصلاح إنه على كل شيء قدير‏.‏ وإلى الأسئلة‏:‏ -

1132 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ إذ عدم الماء أو تجمد، أو حيل بين استعماله خشية تسربه ووقوع إضرار منه في الطائرة أو لم يكن كافياً، فكيف يكون الوضوء عدم وجود التراب‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الوضوء حسب ما ذكرت متعذر أو متعسر والله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ‏}‏‏.‏ فتيمم الراكب على فراش إن كان فيه غبار وإن لم يكن فيه غبار فإنه يصلي ولو غير طهارة للعجز عنها، و قدر الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏}‏‏.‏ لكن إذا كان يمكن أن يهبط في المطار في آخر الوقت الثانية وهي مما يجمع إليها ما قبلها، فالعصر يجمع مع الظهر والعشاء يجمع مع المغرب، فليؤخر أي‏:‏ فلينو جمع التأخير ويصل صلاتين إذا هبط في المطار، والسنة في حق من يجمع بين الصلاتين أن يؤذن لهما أذاناً واحداً وأن يقيم لكل لصلاة إقامة مستقلة بها إقتداء بالنبي صلى الله وسلم حين جمع بين الظهر والعصر يوم عرفة، أما إذا كان لا يمكن كما لو كان هذا هو وقت الثانية في المجموعتين أو كانت الصلاة لا تجمع إلى ما بعدها كصلاة العصر مع المغرب وصلاة العشاء مع الفجر مع الظهر فهذا يصلي على حسب حاله‏.‏

1133 - وسئل فضيلته‏:‏ يحدث أثناء الرحلات الطويلة أن ينام بعض المسافرين على مقاعدهم فيحتلم أو يصعد إلى الطائرة وهو ناس جنابته أو أن تطهر المرأة من حيضها أو نفاسها مع دخول وقت الفجر، ووصول الطائرة إلى البلد الآخر لا يكون إلا بعد خروج الوقت مع العلم أن أنظمة السلامة في الطائرة تمنع الاغتسال في حمام الطائرة منعاً باتاً لعدم أهليتها لذلك، فما العمل‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كان يمكن أن يتيمم على فراش الطائرة تيمم، وإذا لم يمكن بأن كان خالياً من الغبار فإنه يصلي ولو على غير طهر، فإذا قدر هذا الطهر تطهر‏.‏

1134 - وسئل – جزاه الله خيراً - ‏:‏ جماعات الطائرة ضيقة وتكون في بعض الأحيان أرضيتها وجدرانها نجسة ظاهرة، وفي حالة الدخول لقضاء الحاجة أو للوضوء أشك في أن ملابسي نجست بالملامسة ولكني أصلي وعند وصولي إلى البلد المسافر إليه أصلي الصلاة مرة أخرى بعد تغيير ملابسي علماً بأن إعادتي للصلاة تكون بعد خروج وقتها، فما الحكم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أولاً‏:‏ لا بد أن نتيقن أن جدران الحمام نجسة‏.‏

ثانياً‏:‏ إذا تيقنا ذلك فإنها لا تنجس الثوب بمجرد الملامسة إلا إذا كان الثوب رطباً أو كانت الجدران رطبة بحيث تعلق النجاسة

بالثوب، وإذا كانت النجاسة ظاهرة فبالإمكان إزالتها وتطهير المكان بالماء أو تجفيفه حتى لا تعلق النجاسة بالثوب‏.‏

ثالثاً‏:‏ وإذا تيقنا فيصلي بالثوب النجس، وفي هذه الحالة يجب عليه أن يحول إزالة عين النجاسة عن الثوب يغسل البقعة المراد تطهيرها، وإذا لم يجد ثوباً طاهراً صلى ولا إعادة عليه، لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏}‏‏.‏

1135 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما حكم المسح على الجزمة والشراب‏؟‏ وما الفرق بين الخف و الجزمة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الجزمة هي الخف، لكن الجزمة لها ساق قصيرة والخف ساقة أطول، وأما الجوارب فهي الشراب، فإذا مسح الإنسان على الجزمة تعلق الحكم بها بحيث لو خلعها بعد ذلك، فإنه لا بد أن يتوضأ وضوءاً كاملاً عند إرادة الصلاة، وبعد انتقاض وضوئه، بمعنى أن الإنسان لو مسح على الجزمة ثم صلى ثم خلعها بعد ذلك، فله أن يصلي ما دام على طهارته، لكن إذا انتقض وضوئه فلا بد من أن يخلع الجزمة ويغسل قدميه؛ لأن القاعدة التي ينبغي أن تفهم ‏(‏أن كل ممسوح إذا نزع بعد مسحه فإنه لا يمكن إعادة المسح عليه إلا بعد الطهارة الكاملة‏)‏‏.‏

1136 - وسئل – وفقه الله تعالى - ‏:‏ البعض يمسح على الجزمة ويخلعها ويصلي بالجورب فهل فعله صحيح‏؟‏ أم هل يجب المسح على الجورب‏؟‏ وما هو الفرق بين الخف والحذاء‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كان من عادة الإنسان أن يخلع الخف، فإننا ننصحه أن يمسح على الجوارب من الأول حتى لا يؤثر عليه خلع الخف بعد ذلك، أما إذا مسح على الخف ثم نزعه فإنه يبقى على طهارته كما قلنا في الجواب السابق، فإذا انتقضت طهارته فلا بد من أن يخلع الخف والجوارب التي تحته ويتوضأ وضوءاً كاملاً، والفرق بين الخف والحذاء، أن الخف ساتر للقدم، بخلاف الحذاء‏.‏

1137 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ هل يبطل الصلاة عدم تحري القبلة خلال السفر بالطائرة‏؟‏ وما المقصود بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ‏}‏‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ يجب على الإنسان أن يتحرى القبلة ما أمكن ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولا يجوز أن يصلي حيث ما بدا له بدون اجتهاد وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ‏}‏ يعني‏:‏ في أي مكان كنتم، ولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام؛ سواء كنتم في البر أو في البحر أو الجو أو في مكان، لكن القاعدة الشرعية أن جميع الواجبات إنما تجب مع القدرة عليها، ثم إن كثيراً من العبادات يكتفي فيها بغلبة الظن ولا يجب فيها اليقين إما لتعذره أو لتعسره وهذا مثل الاتجاه إلى القبلة في الطائرة، فيتحرى القبلة ويستقلها بقدر الإمكان

1138 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ يتغير اتجاه الطائرة حسب خطوط الملاحة الجوية وهذا التغير بغير اتجاه القبلة فما حكم الصلاة في الطائرة‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ حكم الصلاة فيما إذا تغير اتجاه الطائرة أن يستدير المصلي في أثناء صلاته إلى الاتجاه الصحيح، كما قال ذلك أهل العلم في السفينة في البحر، أنه إذا تغير اتجاهها فإنه يتجه إلى القبلة ولو أدى ذلك إلى الاستدارة عدة مرات، الواجب على قائد الطائرة إذا تغير اتجاه الطائرة أن يقول للناس قد تغير الاتجاه فانحرفوا إلى الاتجاه الصحيح، هذا في صلاة الفريضة، أما النافلة في السفر على راحلته أينما توجهت به، كما في حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال ‏(‏كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته، القبلة فكبر ثم صلى حيث وجهه ركابه‏)‏‏.‏

1139 - وسئل فضيلته‏:‏ إذا سأل الراكب في الطائرة عن اتجاه القبلة ثم ذهب إلى الوضوء وأثناء وضوئه تغير اتجاه القبلة بتغير اتجاه الطائرة فما حكم صلاة ذلك الراكب‏؟‏ معتمداً في ذلك على ما أخبر حين سؤاله‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الواجب على القائد الطائرة إذا تغير اتجاه القبلة أن يقول للناس‏:‏ قد تغير اتجاه القبلة فانحرفوا إلى الاتجاه الصحيح أو من الممكن أن يخبر المضيفون الركاب بتغير اتجاه القبلة‏.‏

1140 - وسئل فضيلة الشيخ – جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً الجزاء – اجتهدت في معرفة القبلة وأنا على سفر صليت، عند الانتهاء أخبرت بأني صليت إلى غير القبلة فما حكم‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ إن كنت في البلد ليس محل اجتهاد؛ لأنه بالإمكان أن تسأل من حولك، وأما في البر فإذا اجتهدت فأخطأت فصلاتك صحيحة، ولا إعادة عليك‏.‏

1141 - وسئل فضيلة الشيخ – حفظه الله تعالى - ‏:‏ إذا كنت في بلد المسافة بينه وبين مكة من جهة المشرق هي نفس المسافة بينه وبين مكة من جهة المغرب فعلى أي اتجاه أصلي‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الذي يظهر في هذه الحال أن يكون مخيراً بين أن يتجه شرقاً أو غرباً؛ لأن الكل سواء، فإذا كان بالإمكان قياس المسافة بينهما فإلى أي الجهتين أقرب يتجه، ولا أظن أن أحداً يحيط بذلك على وجه التحديد، وأنتم ربما مر عليكم قصة الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم سأل عابداً هل لي من توبة فاستعظم العابد هذا الأمر وقال‏:‏ ليس لك توبة، تقتل تسعاً وتسعين نفساً ثم تقول هل لي من توبة‏؟‏ فقتل العابد فأكمل به المائة، ثم سأل عالماً فقال له‏:‏ ومن يحول بينك وبين التوبة، لكنك في أرض أهلها ظالمون اذهب إلى القرية الفلانية فإن أهلها صالحون، فذهب، وفي أثناء الطريق مات، فأنزل الله ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فتخاصموا أيهم يقبض روحه، فبعث الله ملكاً يحكم بينهم فقال‏:‏ قيسوا ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب فهو من أهلها، فقاسموا بينهما فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة بنحو شبر، حتى قيل‏:‏ إنه نأى بصدره عند الموت فلم يكن بينهما إلا هذا الفرق اليسير، فقبضته ملائكة الرحمة، فدل ذلك على أن الفرق معتبر لما بين الشيئين فإلى أيهما أقرب أن به أولى‏.‏

1142 - سئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى - ‏:‏ قبل كل رحلة جوية يكون هناك اجتماع بين قائد الطائرة والملاحين، وفي بعض الأحيان أثناء ذلك تقام الصلاة فهل يجوز لي تركك الجماعة حتى ينتهي الاجتماع‏؟‏ مع العلم أن هذا الاجتماع لا يحتمل التأخير‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كان هذا الاجتماع مما تقتضيه الرحلة ولا بد، وأنه يفوت لو ذهبتم إلى المسجد فلا بأس أن تبقوا وتنهوا موضوعكم ثم تصلوا جماعة قي مكانكم‏.‏

1143 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ نحن من سكان مدينة جدة، فهل يجوز لنا القصر في المطار‏؟‏ وماذا عن الصلاة في مطار الرياض‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ المطار الداخلي أصبح من أحياء

جدة، فلا يجوز القصر فيه وأنتم من أهل جدة، وأما المطار الحالي فلكم القصر فيه؛ لأنه خارج البلد، وأما مطار الرياض فلكم القصر فيه سواء الجديد أو القديم لأنكم لستم من أهل الرياض

1144 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ هل من الواجب على في السفر إذا سمعت الأذان أن أصلي في المسجد جماعة أم أن صلاة الجماعة في المسجد تسقط عن المسافر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كان المسافر مقيماً في مكان فإنه يجب أن يصلي مع الناس في المسجد، أما إذا كان ماشياً وتوقف لحاجة؛ فلا تلزمه الجماعة في المسجد، بل يصليها مع أصحابه جماعة‏.‏

1145 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما هو الأفضل للمسافر أن يصلي في مكان إقامته يجمع الظهر مع العصر مع المغرب مع العشاء أم يصلي كل صلاة في وقتها‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الأفضل أن يصلي كل صلاة في وقتها، فإن شق عليه، فله أن يجمع؛ لأن القول الراجح أن الجمع في السفر جائز وإن لم يكن سائراً‏.‏

1146 - وسئل فضيلته‏:‏ أنا أحد ملاحي الخطوط السعودية و تدركني الصلاة وأنا أقوم بأداء عملي فهل يجوز لي أن أقطع عملي وأقوم بأداء الصلاة أم أكمل أداء مهام عملي في الطائرة ثم أصلي حتى وإن خرج الوقت‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا أوشك الوقت على الخروج فصل على أي حال كانت، أما إذا كان في الأمر سعة، فلا بأس أن تشغل بما أنت ملزم به ثم تصلي قبل الخروج الوقت‏.‏

1147 - وسئل فضيلته بقوله‏:‏ كنت في سفر وصليت مع إمام مقيم، فهل أتم صلاتي معه أم أقصر الصلاة فأصل ركعتين معه ثم أخرج من الصلاة وأسلم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ يجب على من ائتم بمقيم وهو مسافر، أن يتم الصلاة، سواء أدرك الصلاة من أولها، أو أدرك الركعتين الأخيرتين، أو أدرك ركعة أو حتى لو أدرك التشهد الأخير يجب عليه أن يتم صلاته لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا‏)‏‏.‏

1148 - وسئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى - ‏:‏ ما حكم من يصلي الصلوات في البلاد الكافرة على حساب توقيت الصلوات في المملكة‏؟‏ وما حكم الصلاة قبل دخول الوقت‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ الذي يصلي الصلوات في البلاد الكافرة على حسب توقيت المملكة، قد أخطأ خطأ كبيراً؛ إلا إذا كان من المملكة بحيث لا يخرج وقت الصلاة، إن كان شرقاً عن المملكة أو يكون قد دخل وقت الصلاة إن كان غرباً عن المملكة، أما إذا كان يخرج وقت الصلاة في المملكة قبل أن يدخل في البلد الآخر، فإنه إذا صلى فيها بالحال على حسب توقيت المملكة، يكون قد صلى قبل الوقت، وإذا صلى قبل الوقت فإنه لا صلاة له لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً‏}‏‏.‏ وحدد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا الوقت بقوله ‏(‏وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر إلى أن تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق الأحمر، وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس‏)‏، وكذلك من أخر الصلاة عن وقتها عمداً حتى يخرج وقتها بلا عذر فإنه لا صلاة له، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ‏(‏من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏‏.‏ ومن المعلوم لكل أحد الصائمين في بلادهم لا يصومون على حساب توقيت المملكة وإنما يصومون على حسب طلوع الفجر و غروب الشمس في بلادهم، فكذلك الصلاة‏.‏

1149 - وسئل فضيلة الشيخ – حفظه الله تعالى - ‏:‏ البعض يأخذ برخصه السفر في الجمع بين الصلاتين مثل الظهر والعصر فيجمعهما جمع تقديم وهو يعلم أن سيصل إلى مكان إقامته قبل صلاة العصر فهل هذا جائز‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم هذا جائز، لكن إن كان يعلم أو يغلب على ظنه أنه سيصل قبل صلاة العصر؛ فالأفضل أن لا يجمع لأنه ليس هناك حاجة للجمع‏.‏

1150 - وسئل – حفظه الله ورعاه - ‏:‏ إذا كنت في سفر وسمعت النداء للصلاة فهل يجب علي أن أصلي في المسجد، ولو صليت في مكان إقامتي فهل في ذلك شيء‏؟‏ إذا كانت مدة السفر أكثر من أربعة أيام متواصلة فهل أقصر الصلاة أم أتمها‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ إذا سمعت الأذان وأنت في محل الإقامة وجب عليك أن تحضر إلى المسجد، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للرجل الذي استأذنه في ترك الجماعة ‏(‏أتسمع النداء‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ فأجب‏)‏‏.‏ وقال عليه الصلاة والسلام ‏(‏من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر‏)‏‏.‏ وليس هناك دليل يدل على تخصيص المسافر من هذا الحكم؛ إلا إذا كان في ذهابك للمسجد تفويت مصلحة لك في السفر، مثل‏:‏ أن تكون محتاجاً إلى الراحة والنوم فتريد أن تصلي في مقر إقامتك من أجل أن تنام، أو كنت تخشى إذا ذهبت إلى المسجد أن يتأخر الإمام في الإقامة وأنت تريد أن تسافر وتخشى من فوات الرحلة عليك، وما أشبه ذلك‏.‏

وأما تحديد مدة الإقامة فلا حد لها على القول الراجح، بل مادمت مسافراً فأنت مسافر ولو بقيت خمسة أيام، أو عشرة أيام، أو أسبوعاً، أو شهراً، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يحدد للأمة وقتاً معيناً ينقطع به حكم السفر، بل هو عليه الصلاة والسلام قد أقام عدة إقامات مختلفة وصار يقصر الصلاة، فيها فأقام في تبوك عشرين يوما يقصر الصلاة، وأقام في مكة تسعة عشر يوما يقصر الصلاة وأقام في حجة الوداع عشرة أيام وهو يقصر الصلاة؛ أربعة أيام في مكة، و البقية في المشاعر‏.‏

فالصحيح‏:‏ أنه ليس في ذلك حد مادمت على سفر فأنت على سفر تترخص برخص السفر ولو طالت المدة‏.‏

1151 - وسئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى - ‏:‏ أغادر في بعض الأحيان من مطار جدة إلى الرياض عصراً فأصل إلى الرياض قبل الغروب ولا اصلي العصر في الطائرات بل أؤخر حتى أصل الفندق، فهل عملي هذا صحيح‏؟‏ وهل لي أن أجمع في بيتي قبل السفر بدون أن أقصر الصلاة إذا خشيت خروج وقت العصر‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ عملك صحيح، مادمت تقوم من مطار جدة قبل دخول الوقت وتصل إلى المطار في أثناء الوقت، بل وحتى في آخر الوقت فلا حرج أن تؤخر الصلاة حتى يهبط في المطار، فإذا قدر أنك لن تصل إلى المطار الثاني إلا بعد خروج الوقت، فإنه لا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر في بيتك، فتقدم صلاة العصر وإن كنت لم تبدأ الرحلة؛ لأن تأخير صلاة العصر في هذه الحالة فيه نوع من المشقة والخوف من خروج الوقت، وقد قال ابن عباس – رضي الله عنهما - ‏:‏ جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر، فقالوا‏:‏ ما أراد ذلك‏؟‏ قال‏:‏ أراد أن لا يحرج أمته

1152 - وسئل الشيخ – غفر الله له - ‏:‏ في الرحلات الطويلة التي قد يستمر قرابة اثنتي عشرة ساعة يجعل لها طاقمان من الطيارين فيقوم الأول بقيادة الطائرة إلى نصف المسافة تقريباً ويأخذ الطاقم الثاني قسطاً من الراحة بالنوم أثناء ذلك استعداداً لتكمله الرحلة بعد منتصف الوقت فيصادف في الشتاء أنه بعد إقلاع الطائرة بساعتين أو ثلاث تقريباً يحصل طلوع الشمس فيفوت على الطاقم الثاني وقت صلاة الفجر فما الحكم علماً بأنه إذا استيقظ هؤلاء من النوم قد لا يستطيعون النوم مرة أخرى بذلك لا يأخذون قسطاً كافياً من الراحة فما هو حل هذه المشكلة من وجهة الشرع‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ إذا كانوا ينامون قبل دخول الوقت، ويمكن إيقاظهم عند دخول الوقت فلا أرى إشكالاً، وأرى لو أنه يحصل تنسيق إذا أمكن، بحيث يكون استيقاظ هؤلاء عند دخول الوقت، ولكن كما جاء السؤال، قد لا يكون الفرق إلا ساعتين فقط، فأرى أن قولهم بأنه لا يمكن أن نستريح، لا يبرر لهم أن يؤخروا الصلاة عن وقتها؛ فلا بد أن يصلوا في الوقت، وهم إذا فعلوا ذلك ابتغاء وجه الله أعانهم الله؛ لأن الله قال في كتابه‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً‏}‏‏.‏

1153 - وسئل فضيلة الشيخ – جزاه الله خيراً - ‏:‏ هل لقائد الطائرة أو مساعده أو المهندس الجوي رخصة في صلاة الفريضة على المقعد وإلى غير القبلة عند عدم تمكنهم من استقبالها، مع أن وجودهم على المقعد مطلوب لطبيعة عملهم ولأهمية تواجدهم طيلة وقت الرحلة داخل مقصورة القيادة لما يتعرضون له خلال سفرهم من حالات مفاجئة تلزم ذلك‏.‏ منها على سبيل المثال المطبات الهوائية المفاجئة أو الأعطال الفنية الحادثة أو لكون توقيت بعض الرحلات مع وقت صلاة الفجر بحيث يتعذر القيام للصلاة مع انشغال ملاحي غرفة القيادة بتجهيز الطائرة للإقلاع، وخشية خروج وقت الصلاة، علماً أنهم يخرجون لقضاء الحاجة والطهارة‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ الواجب أن يتقي الإنسان ربه ما استطاع في صلاة الفريضة في الطائرة، حتى في الحالات التي ذكرت، كالمطبات الهوائية، والخلل الفني، وما أشبه ذلك، التي هي في ظني لا تستدعي الضرورة إلى وجود القائد ومساعده في المقعد، وكما تعلمون أن الصلاة ركعتان لا تزيد فالمدة يسيرة، ثم إذا قلنا إنه يجب أن يصلي مستقبلاً القبلة، فلو قدر أنه حصل في أثناء الصلاة خلل، يخشى منه الخطر، فإنه لا بأس أن يصلحه وهو يصلي؛ لأن هذه الحركة للضرورة، والحركة للضرورة لا بأس بها، أي لا تبطل الصلاة، وفي مثل هذه الحوادث التي يتيقن أنه لا بد من بقاء الإنسان على الكرسي مربوطاً، فإنه يبقى مربوطاً ويصلي على حسب حاله، حتى لو فرض أنه ابتدأ الصلاة مستقبل القبلة وقائماً، ثم حصلت هذه الهزات ولم يتمكن إلا من الجلوس على المقعد فلا بأس، وكما يقال لكل حادث حديث، فنقول اتق الله ما استطعت، ومتى وجدت الاستطاعة، وجب القيام بالمأمور، ومتى تعذرت الاستطاعة سقط الوجوب‏.‏

1154 - وسئل فضيلة الشيخ وفقه الله تعالى - ‏:‏ طاقم الطائرة مكون من قائد للطائرة ومساعد له ومهندس جوي لبعض الطائرات ولأهمية هؤلاء لا يغادرون غرفة القيادة طوال الرحلة؛ لأن ملاحي الطائرة تشتد أهميتهم في حالة حدوث الطارئ مفاجئ يهدد أمن وسلامة الركاب، كعطل فني، أو اختلال في الضغط الجوي والتوازن في داخل الطائرة، مما يتطلب منهم اتخاذ الإجراءات اللازمة في ثوان معدودة، وإلا تكون الطائرة قد تعرضت للخطر، فهل يصلي طاقم الطائرة واحداً تلو الآخر قياماً مستقبلي القبلة، وإذا كان هناك متسع في المكان في داخل غرفة القيادة، وإذا لم يكن هناك متسع فهل يصلون على مقاعدهم غير مستقبلي القبلة؛ علماً أنه بعض الأحيان تحدث مطبات هوائية مفاجئة قد تسقط القائم وقد يرتطم بالأجهزة التي من حوله مما يخشى أن يحدث أضراراً جسدية بالغة الخطورة وفقدان للوعي لا سمح الله فبقاؤه على كرسيه أسلم له‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ إذا كان الأمر يقتضي أن يصلوا فرادى، كل واحد يصلي وحده من أجل أن يراقب الآخر أحوال الطائرة، فإن هذا عذر في ترك الجماعة؛ لأنه إذا كان حارس الغنم وحارس البستان يعذر في ترك الجماعة، فحارس أرواح الناس من باب أولى‏.‏

أما استقبال القبلة، فهو واجب ولا أظن ذلك يمنع من مراقبة الآخرين وكذلك الركوع والسجود إذا كان يمكن، وإذا لم يمكن الركوع ولا السجود، أومأ بالركوع قائماً وبالسجود قاعداً‏.‏

1155 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ في بعض الأحيان أقوم بتأخير صلاة المغرب والعشاء بعد وصولي من الرحلة، فأصليها في منزلي، فهل أقصر الصلاة أم أتمها‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ أنا سأعطيكم قاعدة‏:‏ وهي‏:‏ أن العبرة بفعل الصلاة، فإن فعلتها في الحضر فأتم، وإن فعلتها في السفر فاقصر سواء؛ دخل عليك الوقت في هذا المكان أو قبل‏.‏ مثلاً‏:‏ إنسان سافر من بلده بعد أذان الظهر لكن صلى الظهر بعد خروجه من البلد ففي هذه الحال يصلي ركعتين، وأما إذا رجع من السفر ودخل عليه الوقت وهو في السفر ثم وصل بلده فإنه يصلي أربعاً، فالعبرة بفعل الصلاة إن كنت مقيماً فأربع وإن كنت مسافراً فركعتين‏.‏

1156 - وسئل – غفر الله له - ‏:‏ تمر بعض الرحلات في نفس المدينة التي يقيم بها الملاح ثم تقلع مرة أخرى لتواصل رحلة أخرى فإذا دخل وقت صلاة الظهر مثلاً في نفس بلد الإقامة فهل يجب على الملاح الإتمام أم يجوز له قصر الصلاة مثل رحلة جدة – المدينة – جدة وهو من أهل جدة وبعدها يواصل إلى أبها‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا السؤال جزء الذي قبله، والعبرة بفعل الصلاة إن صليت بعد أن غادرت وطنك فصل ركعتين، فإذا وصلت إلى مطار بلدك فصل أربعاً، إذا كان المطار

متصلاً بالبلد، وإذا كان خارج البلد فصل ركعتين، وعلى كل حال إذا كان المطار خرج البلد فصل ركعتين، وعلى كل حال إذا كان المطار خارج البلد ومررت به فأنت مسافر، حتى لو خرجت من البلد بعد أن أذن، وصليت في المطار وهو خارج البلد ركعتين‏.‏

1157 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما حكم الصلاة داخل غرفة القيادة مع أن بعض أفراد طاقم الطائرة يدخن‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ الصلاة لا بد من أن يصليها الإنسان ولو في مكان فيه رائحة كريهة، ولكن أرى أن الذي ابتلي بشرب الدخان يراعي شعور الآخرين؛ فلا يدخن مطلقاً ما دام في الطائرة، فإن الدخان يتصاعد وينتشر بين الركاب فيتأذون برائحته، وقد يسبب أمراضاً للآخرين، وقد بلغني أن الولايات المتحدة تمنع شرب الدخان في الطائرة فوق أجوائها، فأقول لو أننا أخذنا بمقتضى ما عندنا من العلم، من أن شرب الدخان محرم، وممنوع حسب قواعد الشريعة الإسلامية، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة‏}‏‏.‏ وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ‏(‏لا ضرر ولا ضرار‏)‏‏.‏ لكان هذا السيف أقوى من سيف النظام الذي سنته الولايات المتحدة ونمنع الناس من التدخين مطلقاً لكان ذلك إعانة لهم على حفظ أنفسهم مما يضرهم ويضر الآخرين‏.‏

1158 - وسئل فضيلته‏:‏ رجل مسافر صلى الجمعة في الحضر فهل يجمع معه العصر قصراً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يجمع معها العصر؛ لأن السنة إنما وردت في الجمع بين الظهر والعصر، والجمعة ليست ظهراً بل هي صلاة مستقلة في هيئتها وشروطها وأركانها فلا تجمع إليها العصر، فإن قال قائل‏:‏ هل يصح أن ينوي الجمعة ظهراً ليجمع إليها العصر‏؟‏ فالجواب‏:‏ إذا نواها ظهراً فإنها لا تصح الظهر منه؛‏؟‏ لأنه صلى الظهر قبل تمام الإمام لصلاة الجمعة، وصلاة الظهر قبل تمام الجمعة لا تصح، ولا يقال مثلاً أليس المريض يصلي في بيته الظهر قبل أن يصلي الناس الجمعة‏؟‏ نقول بلى، ولا حرج أن يصلي المريض قبل أن يصلي الناس الجمعة لكن هذا قد حضر صلاة الجمعة فوجبت عليه الجمعة، فالواجب عليه أن يصلي الجمعة لا يمكن أن يجمع إليها العصر‏.‏

مثلاً‏:‏ أنت مسافر ومن أهل جدة وصلت الرياض، وذهبت وصليت مع الناس الجمعة فإذا نويتها ظهراً لم تصح؛ لأنك لما حضرت الجمعة لزمتك الجمعة، فإن نويتها جمعة ما صح جمع العصر إليها‏.‏ ثم نقول‏:‏ لو قدرنا أنها تصح وهي لا تصح، لكان هذا من سفه الإنسان أن يعدل عن نية الجمعة التي هي أفضل من الظهر إلى نية الظهر ولم يحصل على أنه أجر الجمعة الذي ثبت لهذه الأمة، وعلى كل حال فالمسألة ليس فيها صعوبة، لا تصل العصر مع الجمعة وصل العصر إذا دخل وقتها‏.‏

1159 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما حكم المسافر النازل في بلد ولا يحضر الجمعة لرغبته في الجمع بين الظهر والعصر فيجلس في غرفته ويستمع إلى الخطبة‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ لا يحل له ذلك لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏الجمعة‏:‏ من الآية9‏]‏‏.‏ وهي عامة لكل من سمع نداء الجمعة من المسافرين وغيرهم، والآية نزلت في المدينة، والمدينة فيها مسافرون ومقيمون، ولم يستثن الله المسافرين فيجب على من سمع النداء يوم الجمعة ولو كان مسافراً أن يصلي مع المسلمين، وإلا رجلاً يقول‏:‏ أنا لا أستطيع؛ لأنني سأواصل رحلتي وسفري، فهذا يعذر؛ لأنه يفوته مقصوده لو بقي لصلاة الجمعة‏.‏

فالصحيح‏:‏ أن الجمعة لا تسقط عن المسافر إلا إذا كان ماراً بالبلد مواصلاً للسير، ووقف لحاجة، وسمع النداء الجمعة فلا جمعة عليه، أما المقيم إلى العصر مثلاً أو الليل فلا تسقط عنه الجمعة‏.‏

1160 - وسئل الشيخ – حفظه الله ورعاه - ‏:‏ رجل أراد أن يسافر من بلده وحانت صلاة الظهر مثلاً فهل يصليها ويجمع العصر ثم يسافر‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ لا يصليها ويجمع إليها العصر، إلا إذا علم أنه لا يمكن أن يصلي العصر في الطريق، مثل النقل الجماعي لا يتوقف فحينئذ يجمع العصر إلى الظهر، كذلك في الطائرة تقلع قبل العصر بوقت يسير، ولا تصل إلى المطار الثاني إلا بعد غروب الشمس فهذا يجب أن يجمع بدون قصر لأنه في بلده‏.‏

1161 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ رجل مسافر صلى مع جماعة في الحضر فهل يجمع معها الصلاة التي بعدها‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ نعم يجمع إليها الصلاة التي بعدها، مثال ذلك أنا من أهل القصيم وجئت إلى جدة وأريد أن أسافر بعد الظهر فأصلي الظهر مع الإمام أربعاً وأصلي العصر جمعاً ركعتين‏.‏

1162 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ هل الأفضل للمسافر أن يترك قيام الليل والنوافل والسنن الراتبة أم يصليها كما اعتادها‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ الأفضل للمسافر أن يتنفل بالنوافل كلها صلاة الليل وصلاة الضحى والوتر وراتبه الفجر والتطوع المطلق ولا يترك إلا راتبه الظهر والمغرب والعشاء فقط والباقي يصليها كما يصلي في الحضر‏.‏

1163 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ إذا كان هذا المسجد مبنياً على القبر فإن الصلاة فيه محرمة ويجب هدمه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن اليهود والنصارى حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد تحذيراً مما صنعوا، أما إذا كان المسجد سابقاً على القبر فإنه يجب إخراج القبر من المسجد ويدفن فيما يدفن فيه الناس، ولا حرج علينا في هذه الحال إذا نبشنا هذا القبر؛ لأنه دفن في مكان لا يحل أن يدفن فيه، فإن المساجد لا يحل دفن الموتى فيها، والصلاة في المسجد إذا كان سابقاً على القبر صحيحة، بشرط ألا يكون القبر في ناحية القبلة فيصلي الناس إليه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة إلى القبور‏.‏

1164 - وسئل فضيلته‏:‏ هل يجوز الصلاة في مكان فيه خمر‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ نعم تجوز الصلاة في مكان فيه خمر، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏جعلت لي الأرض مسجداً وطهرواً‏)‏‏.‏

1165 - وسئل فضيلته‏:‏ إذا كنت مسافراً ووصلت رحلتي الساعة العاشرة صباحاً إلى البلد الآخر وكنت مجهداً فهل بإمكاني أن أنام وعندما أستيقظ أصلي الظهر مع العصر جمع تأخير إذا لم يخرج وقت العصر‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ لا بأس بذلك‏.‏

1166 - وسئل فضيلته‏:‏ بعض المسافرين ينتظرون الإمام المقيم حتى ينتهي من الركعتين الأوليين ثم يدخلون معه ليصلوا ركعتين ثم ليسلموا قاصدين بذلك فهل هذا جائز‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ هذا غير جائز، وإذا دخلوا مع المقيم كما قلت، يجب أن يكملوا أربع ركعات بعد التسليم الإمام لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا‏)‏‏.‏

1167 - وسئل الشيخ – حفظه الله ورعاه - ‏:‏ أذن المؤذن لصلاة العصر وأنا على سفر ولم أصل الظهر فهل يجوز لي أن أصلي الظهر قصراً ثم أذهب لأصلي العصر مع الجماعة‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ نعم يجوز لك ذلك

1168 - وسئل فضيلته أيضاً‏:‏ وماذا لو أتيت مع الإقامة‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ تصلي مع الإمام ظهراً، وهم يصلون العصر، ثم إذا سلم تصلي العصر قصراً‏.‏

1169 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ وصلت من الرحلة الماضية إلى رحلة أخرى حتى الصباح ولم أنم وانتظرت صلاة الظهر وكنت متعباً جداً فهل يجوز لي أن أصلي العصر مع الظهر جمع تقديم مع أنني في بلدي‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ نعم يجوز لك ذلك، لأن الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء يجوز مع المشقة بتركه، سواء كان جمع تقديم أو جمع تأخير‏.‏

1170 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ أنا قائد طائرة وطبيعة عملي بعض الأحيان تحتم علي في حالة إقامتي ببلدي أن آخذ قسطاً من الراحة لا يقل عن ثماني ساعات للاستعداد لرحلة أخرى طويلة قد تستمر اثني عشر ساعة وخلال نومي يمر وقت صلاة المغرب والعشاء فما الحكم هل أقوم لكل صلاة في وقتها علماً أن هذا سيفوت علي الراحة المطلوبة استعداد للسفر القادم أم أجمع الصلاتين جمع تأخير‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ اجمع الصلاتين جمع تأخير؛ لأن الجمع أمره سهل يحصل بأدنى مشقة، لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر بالمدينة من غير خوف ولا سفر، وسئل ابن عباس – رضي الله عنهما – لم فعل ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏؟‏ فقال‏:‏ أراد أن لا يحرج أحداً من أمته، أي لا يوقع أحداً من أمته في ضيق‏.‏

1171 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ إذا أذن المؤذن في المسجد للصلاة ونحن على سفر فهل يجوز لنا أن نصلي جماعة قبل أن تقام الصلاة في المسجد مع الإمام الراتب إذا خشينا فوات الرحلة أو تأخيرها‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ يجوز لكم ذلك، لكن تصلون في غير مسجد الجماعة، لئلا تشوشوا على الناس‏.‏

1172 - وسئل – حفظه الله ورعاه - ‏:‏ كنت أصلي صلاة العصر وتذكرت أنني لم أصل الظهر فهل يجوز لي تغيير النية العصر‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ لا تغير النية، بل أكمل صلاة العصر، ثم صل الظهر‏.‏

1173 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ هل الصيام أفضل للمسافر أم الإفطار‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ الأفضل فعل ما تيسر له، إن كان الأيسر له الصيام فالأفضل الصيام، وإن كان الأيسر الإفطار فالأفضل الإفطار، وإذا تساوي الأمران، فالأفضل الصيام؛ لأن هذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وسنته وهو أسرع في إبراء الذمة وأهون على الإنسان، فإن القضاء يكون ثقيلاً على النفس، إذن فله ثلاثة أحوال‏:‏

أن يكون الإفطار أسهل له فليفطر‏.‏

الصيام أسهل فليصم‏.‏

إذا تساوي الأمران فالأفضل أن يصوم‏.‏

1174 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ في شهر رمضان يكون إقلاع بعض الرحلات وقت أذان المغرب فنفطر ونحن على الأرض وبعد الإقلاع عن مستوى الأرض نشاهد قرص الشمس ظاهراً فهل نمسك أم نكمل إفطارنا‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ أكمل إفطارك، ولا تمسك؛ لأنك أفطرت بمقتضى الدليل الشرعي لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية187‏]‏‏.‏ وقوله -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏إذا أقبل الليل من هاهنا وأشار إلى المشرق وأدبر النهار من هاهنا وأشار إلى المغرب وغربت الشمس فقد أفطر الصائم‏)‏‏.‏

1175 - وسئل فضيلته‏:‏ في شهر رمضان نكون على سفر ونصوم خلال هذا السفر فيدركنا الليل ونحن في الجو فهل نفطر حينما نرى اختفاء قرص الشمس من أمامنا أم نفطر على توقيت أهل البلد الذين نمر فوقهم‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ افطر حين ترى الشمس قد غابت، لقوله عليه الصلاة والسلام ‏(‏إذا أقبل الليل من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم‏)‏‏.‏

1176 - وسئل فضيلته أيضاً‏:‏ لو كان هناك غيم ونحن صيام فكيف نفطر في الطائرة‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ إذا غلب على ظنك أن الشمس غائبة أفطر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أفطر ذات يوم هو وأصحابه بالمدينة، وفي يوم غيم، ثم طلعت الشمس بعد إفطارهم، ولم يأمرهم بالقضاء‏.‏ رواه البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنها - ‏.‏

1177 - وسئل الشيخ – غفر الله له - ‏:‏ في إحدى المرات كنت في السعودية ورؤى هلال العيد وكنت مسافراً في تلك الليلة إلى باكستان حوالي الساعة الثانية ليلاً وعلمت أنهم لم يروا هلال شوال وبالتالي فهم صائمون فهل أصوم معهم‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ صم معهم؛ لأنك وقت الإمساك أنت في بلد صائم حتى لو زاد صيامك على شهر، فالزائد تبع كما أنك لو صمت في بلدك إلى قريب المغرب ثم أقلعت الطائرة إلى أمريكا وطالت رؤيتك للشمس أكثر من اليوم؛ فإنك لا تفطر حتى تغيب الشمس، وذلك خروج الشهر وإن صمت ثلاثين يوماً، ثم سافرت إلى بلد فوجدت شوال لم يدخل فصم معهم، وصومك هذا للتبعية، لقوله عليه الصلاة والسلام ‏(‏الصوم يوم يصومون، والفطر يوم يفطرون، والأضحى يوم يضحون‏)‏‏.‏

1178 - وسئل فضيلة الشيخ أيضاً‏:‏ هل على شيء إذا كان في تنقلي من بلد إلى بلد إن صمت رمضان ثمان وعشرين يوماً‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ عليك أن تأتي بيوم واحد فقط تكملة لشهر رمضان‏.‏

1179 - وسئل الشيخ – حفظه الله ورعاه - ‏:‏ يحصل أن بعض البلدان يرى أهلها الهلال قبلنا أو بعدنا فهل نلتزم برؤيتهم أم برؤية بلادنا‏؟‏ وكيف نفعل في البلاد الكافرة‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ إذا كنت في بلد لا تدري أرأوا الهلال، أم لا فإنك تبني على الأصل، فإن كنت في شعبان فلا يلزمك الصوم، وإن كنت في رمضان فلا تفطر، فلو أن الإنسان سافر من المملكة العربية السعودية إلى باكستان، ونزول في باكستان، و باكستان لم يروا الهلال، والسعودية ثبت عندها رؤية الهلال، نقول في هذه الحال تبقى صائماً؛ لأنك في مكان لم ير فيه الهلال، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ‏(‏صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته‏)‏‏.‏ فلو فرض أنك رجعت في اليوم نفسه، فلك أن تفطر، والعكس إذا ذهبنا إلى الغرب ونزلنا في بلد رأوا الهلال، ولم يرى في السعودية فإننا نصوم؛ لأن المكان رؤيا فيه الهلال لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية185‏]‏‏.‏ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا‏)‏‏.‏ فالعبرة بمكانك الذي أنت فيه، فمتى رؤى الهلال فاعمل به إفطاراً وصوماً، وأما في البلاد الكافرة إذا رأيته فصم وإذا لم تره فابن على الأصل، فإذا كنت في شعبان فالأصل بقاؤه، فلا يلزم الصوم، وإن كنت في رمضان فالأصل بقاؤه فلا تفطر، فإذا أشكل عليكم فابنوا على اليقين، وفي الحقيقة أنتم مسافرون ولكم أن تفطروا، وليعلم أن الهلال إذا رؤى في السعودية فسيري في أمريكا قطعاً، لأن البلاد الشرقية ترى الهلال قبل البلاد الغريبة، والعكس إذا كنتم في الباكستان أو اليابان وما أشبه ذلك‏.‏

1180 - وسئل الشيخ – وفقه الله - ‏:‏ يكثر سؤال بعض الركاب على الرحلات الجوية أنهم تركوا ملابس الإحرام في حقائب السفر، فكيف يحرمون، حفظكم الله‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ يحرم هؤلاء الذين تركوا ملابس الإحرام في حقائب السفر في جوف الطائرة، بخلع الثياب العليا، وهي القميص ويبقون في السراويل، ويجعل الثوب الأعلى هذا بمنزلة الرداء، يعني يلفه على بدنه ويلبي، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الذي لم يجد الإزار قال‏:‏ فليلبس السراويل، وهذه المسألة تقع كثيراً، حتى في العمرة إذا جاء بالطائرة فيقول‏:‏ الثياب أسفل فنقول‏:‏ اخلع القميص واجعله رداء وتبقى في السراويل ولا حرج، فإذا نزلتم فبادروا بلباس الإزراء وإذا كان عليه بنطلون يخلع الأعلى منه يعني القميص‏.‏

1181 - سئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما حكم الأكل في آنية الكفار‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ قال عليه الصلاة والسلام ‏(‏لا تأكلوا في آنيتهم إلا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها‏)‏‏.‏ وقال عليه الصلاة والسلام ذلك من أجل أن يبتعد المسلم عن مخالطة الكفار، وإلا فالطاهر منها طاهر، يعني لو طهي فيها الطعام، أو غيره فهي طاهرة، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن لا نخالطهم، وألا تكون أوانيهم أواني لنا، فقال -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏لا تأكلوا فيها إلا ألا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها‏)‏، وكلما ابتعد الإنسان عن الكفار فهو خير ولا شك‏.‏

1182 - وسئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى - ‏:‏ لا يخفى على فضيلتكم أن دول أهل الكتاب في هذه الأيام خليط من أجناس وديانات مختلفة، وشبهة الذبح على غير الطريقة الشرعية قوية، فما الحكم في أكل ذبائحهم‏؟‏ وهل هناك تفصيل في هذه المسألة‏؟‏ نرجو منكم توضيح هذا الأمر فإنه محير لنا‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ يشترط في الذبح أن يعلم، أو يغلب على الظن أن الذابح ممن تحل ذبيحته، وهم المسلمون وأهل الكتاب اليهود والنصارى، فإذا شككنا هل الذابح من اليهود، أو النصارى فإن غلب على الظن أن الذابح يهودي، أو نصراني فالذبيحة حلال، وإذا أن غالب الظن أن الذين يتولون الذبح ليسوا من أهل الكتاب، فالذبيحة حرام، وإذا شككنا فالذبيحة حرام فصارت المراتب الآن خمس حالات‏:‏

1 - إذا علمنا أن الذابح من أهل الكتاب، فالذبيحة حلال‏.‏

2 - إذا غلب الظن أن الذابح من أهل الكتاب، فالذبيحة حلال‏.‏

3 - إذا شككنا، فالذبيحة حرام‏.‏

4 - إذا غلب على الظن أن الذابح من غير أهل الكتاب فالذبيحة حرام‏.‏

5 - إذا علمنا أن الذابح من غير أهل الكتاب فالذبيحة حرام‏.‏

فهي خمسة أحوال تحرم بثلاثة أحوال منها وتحل في حالتين‏.‏ وسمعنا في أمريكا أنهم يذبحون بالصعق، لكنهم ينهرون الذم قبل أن تموت، وهذا يوجب حل الذبيحة ما دام يدركها قبل أن تموت، فالذبيحة حلال؛ لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُم‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ من الآية3‏]‏‏.‏ وسمعت أيضاً من بعض الشباب الذين ذهبوا إلى هناك، يقولون الآن بدءوا يعلمون أنه لا يمكن أن تكون الذبيحة طيبة إلا بإنهار الدم، لكن صاروا ينهرونه على غير الوجه الذي ينهر به المسلمون، فيقولون إنهم يخرقون الوريد العرق الغليظ في الرقبة، ويدخلون في الثاني شيئاً ينفخون به الدم من أجل أن يخرج بغزارة من العرق الآخر، وهي في الحقيقة إنهار للدم لكن على وجه آخر، ولعلهم في يوم من الأيام يرجعون إلى طريقة المسلمين، يعني يقطعون الودجين، حتى يسيل الدم منهما جميعاً، وعلى كل حال إذا أشكل عليك وأردت أن يكون مطعمك طيباً فعليك بالسمك‏.‏

1183 - وسئل الشيخ‏:‏ نحن نذهب إلى بعض المطاعم الإسلامية في بلاد الكفر أثناء الرحلات الخارجية ثم نجد أنهم يقومون بتقديم الخمور فما حكم الأكل في هذه المطاعم‏؟‏ كما أننا نجد خموراً إما بصورة مخفية أو بصورة ظاهرة في غرف الفندق التي ننزل بها فما الواجب علينا فعله تجاه هذا الأمر‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ أولاً‏:‏ لا تسكنوا في هذه الفنادق إلا للحاجة، مادام يعلن فيها شرب الخمر، ولا تأكلوا في هذه المطاعم إلا لحاجة، وإذا احتجتم فمن السهل أن تقولوا للخدم انزعوا هذا وابعدوه سواء في الفندق أو المطعم‏.‏

1184 - وسئل فضيلته‏:‏ يتبقى بعد انتهاء الرحلة بعض الأطعمة الزائدة عن حاجة الركاب وغالباً ما تتلف، فهل يجوز أخذ هذه الأطعمة من قبل ملاحي الطائرة بعد الانتهاء من الرحلة‏؟‏ وهل لي أن آخذ من الطعام والماء المقرر لي إن لم آكله في الطائرة‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ أرى أن لا تأخذ شيئاً مما تأكله، لأن هناك فرقاً بين التمليك، وبين الإباحة، فهم يبيحون لك أن تأكل وتشرب ما شئت، لكن لا يملكونك هذا، و لذلك رخص الشارع لمن مر ببستان فيه نخل أن يأكل وهو على النخل لكن لا يحمل، وأما إذا أنت تتلف فلك أن تأخذها وتأكلها أو تتصدق بها‏.‏

1185 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما حكم غسل ملابسنا في البلاد الكافرة مع ملابس الكفار‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ الغالب على ملابس الكفار النجاسة، لأنهم لا يستنجون ولا يستجمرون، فإذا كان بالإمكان غسلها بمفردها، فهذا هو المطلوب، وإذا لم يمكن فلا بد أن نعلم أو يغلب على ظننا أن

هذا الغسال يصب عليها عدة مرات بحيث تطهر في المرة الأولى أو الثانية وتبقى طاهرة‏.‏

1186 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ يقوم بعض الطيارين باصطحاب زوجاتهم أثناء أداء عملهم إلى البلاد الكافرة أو غيرها خاصة إذا كانت مدة سفرهم ثلاثة أيام أو خمسة أو أطول فما نصيحتكم لهم‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ هذه في الواقع تختلف باختلاف الناس، فقد يكون هذا الرجل شاباً يخشى على نفسه هناك أن تسول له بشيء لا يرضي الله ورسوله، وقد يكون رجلاً لا يهتم لهذه الأمور، أما الثاني فنقول له‏:‏ لا تسافر بها لأن بقاءها في بلدها أفضل، و أحفظ لها، وأنت لست بحاجة إليها، وأما الأول فنقول‏:‏ سافر بها؛ لأن فيها مصلحة، وكفاً عن الشر والفساد، وربما تكون أيضاً مثلك وتحتاج أن تسافر معك فالفتوى في هذه المسألة تختلف بحسب حال الناس‏.‏

1187 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ في حقل الطيران يعمل معنا موظفون ذووا جنسيات متعددة بديانات مختلفة، وطبيعة عملنا تتطلب منا أن نكون متعاونين معهم غاية التعاون داخل الطائرة حتى تسير الرحلة بسلام بحفظ الله لها، فحددوا لنا ضوابط الشرعية في التعاون والتعامل معهم‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ الضوابط في هذا أن نقول‏:‏ إن عمل الجميع لمصلحة العمل، فأنت لا تستخدمه إلا لطبيعية العمل، وهو إذا قدرنا أنه فوقك لا يستخدمك إلا لطبيعة العمل، وهذا لا بأس به ولا حرج فيه، أما لو أنك خدمته في أمر لا يتعلق بالعمل، مثل أن تقرب له ملابسه أو تغسلها له، فهذا لا ينبغي أن يذل المسلم نفسه إلى هذا الحد، فالخلاصة‏:‏ أن ما كان خدمة للعمل، فليس خدمة للعامل وهذا جائز، وأنا لا أنصح بالغلظة في رجل يشاركك في العمل، لكن أنصح بعدم الإكرام لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه‏)‏‏.‏ فهناك فرق بين الإكرام والإهانة، أنا لا أهينه ولا أكرمه ولكن من باب المكافأة، أن تقول له مثل ما يقول لك، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ‏}‏ ‏[‏الممتحنة‏:‏ 8‏]‏‏.‏ وأما في سبيل دعوته عندما تحسن إليهم، من باب المعاملة الحسنة، كي يقبل منك شريطاً أو كتاباً قد يقرأه، ويطلع عليه، وقد لا يقرأه فلا بأس، أما من باب الإكرام، فلا يفعل والتأليف له باب آخر، ولهذا قالوا في المؤلفة قلوبهم هم من يرجى إسلامه‏.‏

1188 - وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ ما حكم حمل القرآن للبلاد الكافرة‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ حمل القرآن إذا حمله الإنسان ليقرأ فيه فلا بأس كان مسافراً إلى بلاد كافرة أو مسلمة‏.‏

1189 - وسئل الشيخ – حفظه الله ورعاه - ‏:‏ البعض يقوم بأداء ما أمر الله عز وجل وحين يشكل عليه أمر فإنه يتخذ فيه رأياً وفق ما يظهر له من فهمه وتقديره ويقول‏:‏ استفت قلبك، مع قلة علمه الشرعي، فهل يجوز له هذا‏؟‏ وعندما ينبه إلى أنه يجب عليه أن يسأل أهل العلم فإنه يقول‏:‏ كل إنسان ونيته‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ هذا لا يجوز له، والواجب على من لا يعلم أن يتعلم ومن كان جاهلاً أن يسأل، أما يخاطب به رجلاً صحابياً قلبه صاف، ليس ملطخاً بالبدع والهوى، و لو أن الناس أخذوا هذا الحديث على ظاهره، لكان لكل واحد مذهب، ولكان لكل واحد ملة، لقلنا إن أهل البدع كلهم على حق؛ لأن قلوبهم استفتوها فأفتتهم بذلك، و الواجب على المسلم أن يسأل عن دينه، ويحرم على الإنسان أن يقول على الله بلا علم، أو على رسوله، ومن ذلك أن يفسر الآيات أو الأحاديث بغير ما أراد الله ورسوله‏.‏

1190 - وسئل فضيلة الشيخ – غفر الله له - ‏:‏ من المعلوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً ونحن كثيروا السفر، بل السفر هو طبيعة عملنا وكثيراً ما تصادف الرجوع ليلاً من رحلاتنا، فكيف العمل‏؟‏

فأجاب قائلاً‏:‏ النهي ليس وارداً على هذا، فالنهي على إنسان يطرق أهله بغير أن يخبرهم، أما إذا أخبرهم فلا حرج في ذلك، وليس فيه نهي، لأن النبي عليه الصلاة والسلام علل النهي فقال -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏حتى تمشط الشعثة، وتستحد المغيبة‏)‏، وهذا يدل على أن النهي إنما هو لمن لا يعلم أهله بذلك، أما من علموا وباتفاق بينه وبينهم ويقول سآتي في الساعة الثانية عشر ليلاً فلا شيء عليه‏.‏

تم

بحمد الله تعالى المجلد الخامس عشر

ويليه بمشيئة الله – عز وجل – المجلد السادس عشر